سيراليون تشهد دخول عالم الإنترنت عالي السرعة

1 يناير/ كانون الثاني 2005 - يدور الحديث حالياً حول وضع "يكسب فيه الجميع": فقد انتهزت إحدى شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية الصغيرة الحجم فرصة سانحة لملء فراغ مثالي في مجال أنشطة الأعمال لم تطأه شركة أخرى قبلها في سيراليون، حيث قامت بتأسيس شبكة عريضة النطاق في قطاع لا توجد فيه أية شبكة مماثلة، وهو قطاع يتزايد فيه طلب العملاء على مثل هذه الخدمة. وستتاح في الوقت ذاته لهذا البلد، الذي يتوفر فيه خط هاتف أرضي واحد لكل 250 فرداً، إمكانية أوسع نطاقاً للاستفادة من خدمة اتصالات غير مكلفة ويُمكن الاعتماد على أدائها.


وقد أصبح هذا الأمر الذي كان من الصعب تصديق حدوثه حقيقة ملموسة، ويُعزى هذا الفضل جزئياً إلى جهود الوكالة الدولية لضمان الاستثمار ـ وهي إحدى مؤسسات مجموعة البنك الدولي.

وكانت شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية الإسرائيلية سييرا- كوم (Sierra-Com) قد أدخلت في سيراليون خدمة الإنترنت اللاسلكية عريضة النطاق وعالية السرعة، فضلاً عن خدمة اتصالات نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت (مما يسمح بإجراء المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت).

وقد بدأت شركة -IPTEL- PCS Holdings Sierra Leone Limited- ، وهي إحدى الشركات التابعة لشركة سييرا – كوم في سيراليون، التشغيل التجاري لخدمة الإنترنت عريضة النطاق وإجراءات مبيعاتها، وهي تسجل عملاء جدداً كل يوم. وقبيل دخول شركة IPTEL سوق الاتصالات في سيراليون، لم يكن الدخول إلى شبكة الإنترنت متاحاً إلا عبر خدمة لطلب الاتصال الهاتفي مقدمة من إحدى شركات الخدمات التابعة للدولة، عابها البطء الشديد، فضلاً عن سوء الإدارة وضعف البنية الأساسية؛ أو عبر شركة تابعة للقطاع الخاص لتوفير خدمة الإنترنت ضيقة النطاق، وقد شابت هذه الخدمة نواحي قصور متعددة منها التوقف المتكرر للخدمة بسبب انقطاعات الكهرباء.
وسوف يؤسس استثمار شركة سييرا - كوم البالغ 3 ملايين دولار أمريكي شبكة اتصال وفق أحدث أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية المتقدمة تكنولوجياً والمستوردة من إسرائيل.





برنامج مُبتَكر

زودت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار شركة سييرا – كوم، من خلال برنامج جديد مبتكر استهدف تشجيع صغار المستثمرين على التفكير في الدخول في مشروعات في البلدان النامية، بحزمة موحدة من الضمانات (التأمين) ضد مخاطر تقلب الأوضاع السياسية، وذلك بهدف توفير الحماية ضد مخاطر القيود على التحويلات، ونزع الملكية، والحروب، والاضطرابات الأهلية. ومن شأن هذا البرنامج المعروف باسم "برنامج الاستثمارات الصغيرة (SIP) تبسيط وتسريع عملية تغطية الاكتتاب التي تقوم بها الوكالة، مما يُسرِّع الإجراءات ويُسهِّل على الشركات الصغيرة التقدم للوكالة بطلبات للحصول على تغطية بضمانات.

وقد صرَّح موشيه ليفين، المستشار المالي لشركة سييرا- كوم، من مكتبه بإسرائيل، قائلاً "اتسمت إجراءات الوكالة الدولية لضمان الاستثمار بالسرعة الشديدة والكفاءة. فقد حصل عملاؤنا على ما يريدونه على نحو عاجل". ويضيف ليفين، الذي يعمل أيضاً مع شركة Divra المحدودة، قائلاً إن الوكالات الأخرى لم تكن لتتخذ قراراً مماثلاً بتقديم ضمان ضد مخاطر تقلب الأوضاع السياسية في سيراليون، ذلك البلد الذي لا زال الإحساس بالمخاطر فيه عالياً.
وساعد تسهيل الوكالة الدولية لضمان الاستثمار لإجراءات مساندة صغار المستثمرين عملاء ليفين على التحرك بسرعة لاقتناص فرصة مثالية لدخول هذا السوق، مع التخفيف في الوقت ذاته من حدة المخاطر ذات الطبيعة غير التجارية. ويُردف ليفين قائلاً إن الوكالة الدولية لضمان الاستثمار أضافت قيمة مميزة لهذه العملية بخلاف ما تُقدمه من ضمانات ضد مخاطر تقلب الأوضاع السياسية. "فمجرد اقتران هذا المشروع باسم الوكالة الدولية لضمان الاستثمار والبنك الدولي يكفي ليكون رادعاً ضد أية مشاكل محتملة يمكن أن تنشأ نتيجة تقلب الأوضاع السياسية".

النهوض من عثار الحرب

سيراليون هي بلد نهض لتوه من عثار حرب أهلية طاحنة، زهقت خلالها آلاف الأرواح، وتحول ثلث السكان تقريباً إلى لاجئين. وتصل نسبة معدل الفقر في سيراليون إلى 70 في المائة، ويبلغ معدل العمر المتوقع عند الميلاد 40 عاماً، بينما كان نمو إجمالي الناتج المحلي ضئيلاً إن لم يكن معدوماً على مدار السنوات العشر الماضية.
ومع ذلك فإن هذا البلد لا يفتقر إلى مقومات النجاح. فمنذ نهاية الحرب الأهلية في عام 2002، استطاعت سيراليون أن تستعيد زمام الأمن بها، وقفز معدل النمو الاقتصادي إلى 7.4 في المائة في عام 2004، وهو ما يُعتبر مؤشراً قوياً في هذا البلد.
وتعتبر وفرة الموارد المعدنية الطبيعية بهذا البلد مصدر جذب لشركات التعدين الدولية، كما توفر مجموعة من فرص التنمية الاقتصادية الخارجية أيضاً. أما موقع سيراليون الممتد عبر ساحل المحيط الأطلنطي فيضفي العديد من المزايا باعتبار البلد مركزاً للإمدادات اللوجستية والشحن. أضف إلى ذلك قيام سيراليون بإجراء أول انتخابات ديمقراطية بها، كما أنها تحقق تقدماً يومياً تجاه الإصلاحات التشريعية والتنظيمية، فضلاً عن إصلاحات السوق التي تهدف إلى تشجيع أنشطة الأعمال والنمو الاقتصادي.

ولكن كما يعلم كل من جرَّب الدخول على الإنترنت عبر طلب الاتصال الهاتفي، يُعتبر عدم القدرة على الاتصال بشبكة الإنترنت – على نحو يتسم بالسرعة والموثوقية وانخفاض التكلفة- عقبة كؤوداً أمام نمو أنشطة الأعمال في هذا العصر الذي يشهد اتصالات فورية على مدار الساعة وفي جميع أيام الأسبوع.

تزايد الطلب على خدمة أفضل

استمر تعالي أصوات الجهات الممثلة لمجتمع الأعمال بسيراليون، والمنادية بتوفير خدمة أفضل للاتصال بشبكة الإنترنت، وذلك طبقاً لتصريحات أمناء تغطية الاكتتابات بالوكالة الدولية لضمان الاستثمار.
يقول فيليب فلاهو، مدير العمليات بالنيابة "إن هذا المشروع يعتبر بكل تأكيد مشروعاً مدفوعاً بالطلب. ولم يكن المستثمر هو المستفيد الوحيد من إجراءات تبسيط التقدم بالطلبات المعنية بالاستثمارات الصغيرة، بل تستفيد سيراليون من ذلك بصور عديدة أخرى أيضاً".
فتحسين الاتصال بالإنترنت من شأنه أن يزيد حجم الاستثمارات الجديدة المتوقعة، ويحفز النمو الاقتصادي بوجه عام.

ويعقب ليفين قائلاً "لا يخالجني أي شك في أن هذا المشروع سيُحدث ثورة في سوق الاتصالات السلكية واللاسلكية في سيراليون. فهو سيضع هذا البلد في طليعة مستخدمي الاتصال العريض النطاق بشبكة الإنترنت. وسيمكن ذلك الجهات الموردة لخدمات الإنترنت بسيراليون من تقديم خدمة ذات جودة عالمية وبسرعات فائقة". وعموماً يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تستهدف استقطاب المزيد من الشركات، ولاسيما المؤسسات المالية، التي تتطلب خدمة فائقة السرعة لنقل قدرٍ كبيرٍ من البيانات عبر الإنترنت.

وتستهدف شركة سييرا – كوم الوصول لقاعدة عملاء تتألف من الشركات المحلية، والشركات المتعددة الجنسيات، وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، المتواجدة في أرض هذا البلد منذ الحرب الأهلية. ومع تأسيس المزيد من الشركات، تتوقع هذه الشركة نمواً كبيراً في سوق الاتصالات. فالاشتراك الشهري في خدمة الإنترنت يقل كثيراً عن الاشتراكات المُحصَّلة في بلدان مجاورة.

كذلك دخلت الشركة في شراكة مع مؤسسة Firstcom السيراليونية المحلية لتأسيس شركة تابعة لها هناك. وكانت شركة IPTEL قد أقامت بالفعل ثلاثة مراكز للاتصالات في منطقة فريتاون. ولأغراض حماية الشبكة من تكرار انقطاعات الكهرباء التي تعم أرجاء البلد، ركَّبت الشركة نظاماً خاصاً بها لتشغيل مولدات كهرباء احتياطية في حالات الطوارئ.

وبينما يعتبر هذا المشروع الأول من نوعه للوكالة الدولية لضمان الاستثمار في سيراليون، فإن الوكالة لديها سجل حافل بالإنجازات لمشروعات أخرى في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. وتجدر الإشارة إلى أن الوكالة الدولية لضمان الاستثمار قد أصدرت، منذ تأسيسها، ضمانات بقيمة 1.7 بليون دولار أمريكي لصالح مشروعات في المنطقة، وهو ما يمثل 17 في المائة من حافظتها القائمة، مع التركيز على نحو خاص على مشروعات البنية الأساسية، بما فيها قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية.